Back to Lectures

كلمة الرئيس الجميّل في لقاء: 16 عاما على انطلاقة لقاء قرنة شهوان

2016-09-24

كلمة الرئيس أمين الجميّل في لقاء:
16 عاماً على إنطلاقة "لقاء قرنة شهوان"
بيت الكتائب المركزي - الثلاثاء في 20 أيلول 2016

أهلاً بكم،
اهلاً بصاحب السيادة المطران يوسف بشارة.
شكراً سيدنا على استضافة لقاء قرنة شهوان، شكراً على تحمّلنا وتسديد خطانا، شكراً على هذه الحقبة الجميلة والقاسية في آن.
اهلاً بكل الاعزاء المقاومين، في زمن التهديد والوعيد، في زمن وضع اليد، في زمن الاضطهاد، في زمن الوصاية، في زمن الاحتلال،
اهلاً بعشاق الحرية، ورواد الديمقراطية.
ان لقاء قرنة شهوان شكّل تجمّع احزاب وشخصيات مسيحية، ارتقينا به الى مفهوم كميل شمعون وبيار الجميّل وريمون اده في التعامل مع الملمات الكيانية، الغينا للحظة التنافس السياسي التافه والجبان والخائن، اسقطنا من قاموسنا ثقافة النكاية يوم كانت الجمهورية مهددة، فما نفع الكرسي يوم يكون المنزل بمنازل كثيرة، والبيت مهدداً بأساساته؟ اتحدنا على اختلاف مذاهبنا السياسية لردّ العدوان والوصاية والهيمنة.
والحقبة كانت قاسية لان لقاء قرنة شهوان ذاق طعم الشهادة، ودفع ثلاثة من اركانه ثمن الموقف السيادي: جبران تويني وبيار الجميّل وانطوان غانم.
ان هذه الشهادة هي أمانة في عنق كلٍ منّا؛ لن نفرّط بها، وهي زادتنا إيماناً وتصميماً.
ايها الاصدقاء،
لقاؤنا اليوم ليس لمجرد الذكرى، أو العتب او لجلد الذات، وليس مناسبة للبكاء والوقوف على الاطلال، بل هو موعد للافادة من التجربة/ الفرصة، ومن اللحظة التاريخية النادرة التي سمحت بتحقيق حلم السيادة الذي كان بحكم واقع الحال صعب المنال بل من سابع المستحيلات.
السيادة جمعتنا مسيحيين، ووحدتنا لبنانيين. سنة 2000 إنطلقنا مسيحيين في قرنة شهوان والتقينا لبنانيين في لقاء البريستول سنة 2004 وثورة الأرز سنة 2005. فلا يجوز ان يفرّقنا الفراغ، ويشتتنا التعطيل. لا يجوز ان ننكر الاصل ونلوذ بالفرع. لا يجوز ان نهدم ثورة الأرز لنبني خيماً هنا وهناك. ومن الجريمة هدم الهيكل بعد نجاحنا مجتمعين موحدين في طرد اللصوص وما أكثرهم. ومن الجريمة اليوم استدانة الوقت بفوائد مرتفعة ليس لسبب الا لينكي احدنا الآخر، بفعل او بردة فعل، بترشيح او ترشيح مضاد، والنتيجة مفارقة غريبة عجيبة:
ترشيحان من ٨ اذار، ومحركات بعض ١٤ اذار تعمل بكل طاقتها، ليلاً نهاراً، لايصالهما؛ حزب الله استلم الشيك على ان يصرفه ساعة يريد ولصالح من يريد، وبالتالي خسرنا الترشيح ولم نربح الرئاسة، رشحنا حلفاء لحزب الله وعلينا ان نقنع الحزب بهما، فصرنا على طريقة رضي القتيل ولم يرض القاتل. وبدل ان نبقى ام الصبي صرنا جلاديه، وبدل ان نبقى سيدها صرنا نطبل بعرسها.
أما البراغماتية العقيمة، فلا تعني إلا الانتحار.
نعم الاخطاء كثيرة، لكن مهما بلغت،إلا ان ما يجمع بيننا يبقى اكثر واقوى وامتن مما يفرّق.
* * *
ايها الاصدقاء،
ان دقة الوضع الداخلي وهشاشته، وخطورة ما يجري في المنطقة، يجب ان يشكل حافزاً لردم المسافات وترميم التصدعات واعادة الروح الى ثورة الارز.
ان ما يجري من عبث بالدستور، وامتهان للسيادة، واستباحة للاعراف، وضرب للمؤسسات، صار من فئة العادات الاليفة والمألوفة والمعتادة، بل ان الفراغ في رئاسة الجمهورية بفعل التعطيل الذي يمارس عن سابق تصور وتصميم، هو وصاية جديدة، هو احتلال جديد، هو مسك دفاتر الجمهورية بالسلاح والذخيرة الحيّة. والاخطر قيام منظومة تدّعيالظروف التخفيفية، وتخلق مناخات تكييفية وتبريرية لمشهد الفراغ القائم على قاعدة ان الضرورات تبيح المحظورات وما شابه. هذا كلام انهزامي، هذه مفردات تكشف عن حالة استسلام للامر الواقع ولواقع الامر.
والأخطر، ان كل ذلك يحصل من دون دراسة النتائج، ومن دون جدوى!وهذا يدفع بنا الى البطالة في الجمهورية، الى الغاء الرئاسة، الى انتاج الازمات، فالى المؤتمر التأسيسي والمثالثة. أو الى رمي الدستور والمؤسسات كافة، والعرف والتقاليد في مهب الريح.
* * *
اننا نقول لمن يعنيه الامر:
بعضهميعطّل الرئاسة لاسباب صغرى، اما البعض الآخر فلاسباب ملتبسة ومشبوهة، البعضيعطّل مصلحيّاً، والبعض الآخر يعطّل استراتيجيا،ً بعضهميعطّل ليصل، والبعض الآخر يعطّل لطرد الجميع من جمهورية الميثاق التي ارتضيناها. وبعض البعض يحمي التعطيل لغاية في نفس يعقوب.
ان الجمهورية ايها السادة معطلة بالاختيار لا بالاضطرار، ودورنا ان نشغلّها بالانتخاب لا بالغياب.
ازاء هذا الوضع نقول معاً وبصوت صارخ:
كفى
كفى انحداراً،
كفى إستسلاماً،
كفى انهزاماً.
اما كيف؟ فالتجربة تستحق ان تخاض.
فلنحم الديمقراطية والميثاقية والتنوع، ونوقف القضم الممنهج والبطيء لتغيير معالم الوطن.
فلننتخب رئيساً للجمهورية، لكن حذار من رئيس بالاضطرار او بالاكراه أو بالإذعان، فهكذا رئيس يحوّل البلد الى جمهورية مقعدة ودولة ملحقة وكيان تابع وثورات حتميّة.
فلننتج قانوناً للانتخاب، لكن حذار من اي قانون لا يلبي صحة التمثيل وعدالته، وليكن قانون يلغي حمولات الوزن الثقيل في المحادل والبوسطات، ويحترم حق الناخب في اختيار ممثليه الحقيقيين.

ايها الاصدقاء،
اذا كنا غير مدركين لهول ما يجري في الداخل والمنطقة، فتلك مصيبة، واذا كنا مدركين ولا نحرّك ساكناً، فالمصيبة اكبر.
بداية الحلّ هوباعادة الوزن والتوازن الى الحياة السياسية واعادة توحيد القوى السيادية، وانقاذ الشراكة المتكافئة في الوطن، واستمرار مفعول "لبنان اولاً" كشعار جامع للقوى السيادية. ان على أركان وأحزاب وجمهور ثورة الأرز أن تهمل الفوارق الآنية والخلافات الهامشية لتتوحد وتتفرغ للقضية الوجودية، يبقى لبنان او لا يبقى. تبقى السيادة او لا تبقى، تبقى الديمقراطية او لا تبقى. وحدتنا كافية لمنع الحاق لبنان بالمحاور الاقليمية على اختلافها. هذه كافية لاعادة النصاب الى الميثاقية الحقيقية، هي كافية لمواجهة مشاريع الهيمنة، مهما استقوت بالسلاح والمال من أي جهة أتى.
هذا ليس كلاماً طوبوياً، هذا واقع تحقق في أحلك الظروف.
ايها الاصدقاء،
ان وحدة المسيحيين ضرورة وجودية شرط ان تكون مدخلاً للعبور الى الشراكة الكاملة مع المسلمين، سنة وشيعة ودروزاً.
ان وحدة اللبنانيين ضرورة وجودية لمنع اي تداعيات على وحدة لبنان وامنه ونظامه واقتصاده جراء نزاعات الاقليم وما سترسو عليه من نتائج. وافتح هنا مزدوجين لاسأل ماذا لو استمرت الحرب السورية سنوات وسنوات؟ ماذا لو نجح المتشددون في حكم سوريا او اجزاء منها؟ ماذا لو قدر لبشار الاسد ان يحكم ما إصطلح على تسميته "بسوريا المفيدة"؟ ماذا لو استوطن مئات الألوف من النازححين السوريين في لبنان، بشكل رسمي أو بحكم الواقع؟
اسئلة في غاية الدقة، لكنّ الجواب واحد: وحدة اللبنانيين تمنع اي عبث بلبنان، وتحمي لبنان من هزات الخارج وارتداداته.
تعالوا اذاً نحقق الشراكة الحقيقية، تعالوا نعلن لبنان وطناً نهائياً، تعالوا نعلي لبنان ونسيّج حدوده ليبقى منارة مضاءة ووطناً للانسان ورسالة للانسانية.