Back to Lectures

العشاء الخيري لمركز سرطان الأطفال في لبنان

2018-04-19

كلمة الرئيس أمين الجميّل
خلال العشاء الخيري لمركز سرطان الأطفال في لبنان
الكويت ، في 19 نيسان 2018
* * *

أصحاب المعالي والسيادة والسعادة،
السيدات والسادة،
أمسيتُنا هذه مميّزة تماماً، وهي لا تَشبَه ضجيجَ الحرب الدائرة في المنطقة، ولا الضجيجَ السياسي، ولا الاستحقاقَ الانتخابي في لبنان/ لقاءٌ بقدْرِ ما فيه من الألم، بقدْر ما يُعطي الأمل، وبقدْرِ السخاءْ يكونُ الشفاءْ، لطفلٍ، لطفلةٍ، لابنٍ، لابنة.
في هذه الأمسية، يشرّفني أن أرأسَ وفدَ مجلسِ أمناء مركز سرطان الاطفال في لبنان، الرائد اقليمياً في معالجة هذه الحالات، وهو علاجٌ صعب ومعقّد وطويلُ الامد، مكلفٌ للقائمينَ به، وشاقٌ على المصابينَ به .
يشرّفني هذا الانتداب مع الرئيسة العزيزة السيدة نورا جنبلاط والزملاء الاعضاء في مجلس الامناء، لقضيةً انسانية تقضّ مضاجعَ الاهلِ بفعلِ الخطف الصادم، خطفُ أرواحِ أطفالنا على يدِ هذا المارد الخبيث.
إن صاحب السمو الأمير صُباح الاحمد الجابر الصُباح، راعي هذا الاحتفال، ينزِلث في قلب كلِ لبناني، وفي صميم وطن الارز منزِلَةَ الكبارِ الكبار، فسموُّه حاملُ همومِ لبنان منذ عقودٍ من الزمن، مذ كان وزيراً لخارجية الكويت، أطالَ اللهُ بعمره.
ان هذه الرعاية الكريمة تعطي دفعاً اضافياً وقيمةً كبرى وانتصاراً لحقِ الحياة وثقافةِ البقاء على رائحةِ العذابِ والفناء.
إن امسيتَنا إنشاداً لمركز الاطفال للسرطان تشكّلُ بارقةَ أملٍ في صحراء الموت التي يجتازُها عالمُنا العربي.
كما أتوجهُ بالشكر الى الشعب الكويتي الشقيق، والى الحضور العربي الكريم، والى الجالية اللبنانية صاحبةِ الانتماءْ لبنانياً بالهوى والهُويّة، وكويتياً بالجِدّ والكدْ، وانسانياً بالدمِ الذي يجمعُ اللبنانيينَ أينما حلّوا، والعربَ أينما وُجِدوا، مهما كان إنتماؤهم الديني والمذهبي والسياسي والمناطقي.
وإسمحوا لي هنا أن أشُدّ على يدِ السيدة نورا وليد جنبلاط الساهرة بحسّها وقلبِها وعينِها ودمعِها على المركز الذي منذ تأسيسه في ١٢ نيسان ٢٠٠٢، يؤمنُّ لأطفالِنا المصابين العلاجَ الطبّي والعنايةَ النفسية دون تكبيدِ الأهالي، ويكفيهِم مُصابُ المرضِ الذي يطاردُ فلْذاتِ أكبادِهم.
وكأن المؤسسين إختاروا الثاني عشر من نيسان لاستباقِ ومحوِ ذِكرى الحربِ المشؤومة في لبنان في الثالث عشر من نيسان من العام ١٩٧٥.
هو فارقُ يومٍ واحدٍ في الروزنامة، لكنه بَوْنٌ شاسعٌ في المرامي، هو الفارقُ بين الأخذِ والعطاءْ، بين اللقاءِ والفِراقْ، بين الحياةِ والموتْ. إنه الأملُ بالغدِ مُتاحٌ للجميع، بفرصٍ متساوية، دون إعتبارٍ للمالِ أو الجاهِ أو الجنسِ أو الجنسيةِ أو المذهبْ.
هذا هو المَعنى الاول، والبعدُ الاول، والسُموُّ الأعلى لفلسفةِ التضامنِ في قضايا الانسان، لثقافةِ الاتحادِ بمواجهةِ المِحَنِ الموجِعة، وهل من وجعٍ أقسى من مواكبةِ طفلٍ يصارعُ للبقاءِ بألمٍ وأملْ، وهيهاتِ أن ينجُوَ الى الأبد أو يغفُوَ الى الابد.

أيّها الكرام،
ليسَ صدفةً وجودُنا في الكويت الشقيق، فالحضورُ اللبناني هنا هو إقامةٌ في بيتِنا وأسرتِنا ووطنِنا الثاني، تماماً كما لبنان الوطنُ الثاني للكويتيين. وطنانِ توأمانْ، وزمنُ عزٍّ لن يكونَ أبداً من الماضي.
ليس صدفةً وجودُنا في دولةِ الكويت الصامدة الى جانبِ لبنان في أحلك الظروف وأعتاها، دون تمييزٍ أو تخصيص.
إنها دولةٌ، إنها قيادةٌ، إنه شعبٌ يعيشُ مَعنى التضامنِ الانساني بكاملِ مُفرداته.
والجالية اللبنانية والجالياتُ العربية العاملة على أرضِ الكويت خيرُ دليلٍ على الاصالةِ الكويتية.
إنه فعلُ إيمانٍ لبناني كويتي عربي مشترك بالعمل الانساني المجرّد. ومن هنا أتقدمُ باسمكم وباسم مجلس الامناء وباسمي الشخصي من صاحب السمو الامير الشيخ صُباح الاحمد الجابر الصُباح بوافرِ التقدير لما يبذُله الكويت من خدماتٍ اجتماعية وسخاءٍ انساني.
ولا نُذيعُ سراً إن قُلنا إن سموَّ الامير داعمٌ دائمْ لرسالةِ المركز وأهدافِه، ما جعلَه، أي المركز، إضافةً الى مساهماتٍ أخرى، مرجعيةً طبّية إقليمية لـ 83 مركزاً في 23 دولة في الشرق الأوسط وشرقِ آسيا. إن المركز قد عالجَ أكثر من ألفِ طفلْ دون أي تمييز، بالشراكةِ مع مستشفى سان جود في الولايات المتحدة والجامعة الاميركية في بيروت.
وإنفاذاً لرؤية 2020 للمركز الطبي للجامعة الاميركية، ولمشروع "Go Global" لمستشفى "سانت جود"، فإن الاخيرْ أوصى بتوسيعِ خدماتِه لأكبرِ عددٍ من الأطفال في لبنان والمنطقة العربية، من خلالِ بناءِ مستشفىً متخصّص لأطفالِ مَرضَى السرطان في بيروت. وهذا ما يرفعُ منسوبَ الأمل ومعه درجاتِ المسؤولية.
إن المركز بتصميمِ رئيسَته ومجلس أمنائِه قطعَ على نفسهِ تحقيقَ حلمِ داني توماس، النجم الاميركي الراحل، اللبناني الاصل، بألاّ يموتَ أيُّ طفلٍ في فجرِ الحياة. وقد ساهمت أعمالُ العلاج في شفاءِ ثمانينَ بالمئة من الحالات.
إن المركز عنوانٌ يقصُدُه أحباؤنا الاطفال من كلِ لبنان ومن كلِ المنطقة العربية. عنوانٌ يناديكم، عنوانٌ يناجيكم، عنوانٌ يحتاجُكم، يكفي أن المركز يتطلّبُ موازنةً سنوية تناهزُ 15 مليون دولار.

فشكراً لكل المانحين والمتبرعين الأسخياء، فدينارْ، محلُّه في المرضِ قنطارْ.
إن حُلُمَ الاطفالِ بالحياة مسؤوليتُنا. فلنهُمّ ونهتمْ.
ولا أصابَكم مكروه.
والسلام للجميع.