Back to Lectures

المصالحة الكونية في فكر الشيخ زايد

2019-07-03

المصالحة الكونية في فكر الشيخ زايد

"التسامح واجب.. إذا كان أعظم العظماء وهو الخالق، عزّ وجلّ، يسامح، فنحن بشر، هل خلقنا ألا نسامح"؟ (زايد بن سلطان آل نهيان)
هذا الكلام المأثور للشيخ زايد، طيّب الله ثراه، الذي عرفته خير معرفة، ينبع من إيمان حقيقي بقيم التسامح التي أرساها في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة وفي وعي ولا وعي الشعب الإماراتي الشقيق، والعربي.
إن ما أراده الشيخ زايد من خلال مشروعه الحضاري هو تعزيز التعاون المجتمعي، والتواصل العابر للطوائف والمذاهب والبيئات، وتدوين رسالة من المجتمع الإماراتي الى كل الحضارات والثقافات والأديان في العالم، تحضُّ على الحوار والتسامح وتحتفي بالتنوع والتعددية في مناخ من السلام الداخلي ومع الغير.
ولعل الخصوصية الأولى في مبادرة الشيخ زايد أنه لم يكتف بمشروع نظري حول الحوار والتسامح، بل جعل مكونات المجتمع الإماراتي، من مؤسسات رسمية وجامعات ومدارس وهيئات المجتمع المدني، تنخرط في ورشة المصالحة الكونية، وتبشرّ بحق الآخر في أن يكون مختلفاً. وما استضافة دولة الإمارات نحو مئتي جنسية في مقدمها اللبنانيون، سوى تجسيد لهذا الفكر مع ما تنعم به هذه الجاليات من حياة كريمة وحقوق متكافئة.
أما الخصوصية الثانية في فكر الشيخ زايد، فهي في أنه لا يدّعي الحصرية في هذا " الإختراع"، بل مارس الإنفتاح ذاتياً وفتح الباب على مصراعيه لكل من يرغب في إضافة مدماك على بناء التسامح، كائناً من كان، إماراتياً أو عربياً أو أعجمياً.
ولا ننسى أن الإمارات قدّمت وثيقة إنشاء أول كنيسة كاثوليكية في العام 1963، ما يعني أن التسامح ليس مادة طارئة، بل سبق تأسيس الدولة التي تحتضن عشرات الكنائس والمعابد، الى جانب الجوامع، ما يذكرّ بمشهد لبنان الرسالة حيث يتعانق الجامع والكنيسة، الصليب والهلال.
كما لا ننسى "وثيقة الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" التي وقعّها في أبو ظبي في الرابع من شباط من العام ٢٠١٩ قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
وقد جاء فيها " دعوة للإخاء بين جميع أتباع الديانات ... ودعوة للمصالحة والتَّآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكلِّ الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة".
هو قدر دولة الإمارات أن تلعب بقيادتها التأسيسية، وقيادتها الحالية، دوراً ناظماً للعلاقات البشرية في الإقليم والعالم. هكذا يندرج دور قيادة البلاد ممثلة بالشيخ محمد بن زايد، في ترسيخ ثقافة التلاقي والانفتاح والحوار على خطى مؤسس دولة الإمارات. وما المؤتمر الأخير إلا فعل إيمان باختراع الشيخ زايد والتصميم على تبني المبادىء ومتابعة النهج.
إن قدر الإتحاد أن يلعب دوره عربياً وأممياً من وحي اسم الدولة، الإمارات العربية المتحدة، قولاً وفعلاً، حضارةً ورقياً، انفتاحاً وسلاماً.

أميــن الجميّـــل
3 تموز 2019