Back to Lectures

"أي مستقبل للصحافة اللبنانية"

2019-03-21

"أي مستقبل للصحافة اللبنانية"
بيت المستقبل
كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية
الخميس، 21 آذار/مارس 2019
***

شكر للجامعة اللبنانيّة لدعوتنا إلى هذه الندوة

تحيّة إلى رئيس الجامعة اللبنانيّة، البروفسور فؤاد أيّـوب،
تحيّة الى عميد كليّة الإعلام، الدكتور جورج صدقة، ومدير الفرع الدكتور هاني صافي لتنظيم هذه الندوة بالشراكة مع "بيت المستقبل"،
1. إنفتاح الجامعة على الشأن العام والمشاكل المعاصرة
2. إغناء مراكز التوثيق والبحوث بالبعدين الأكاديمي والتخصّصي
3. أهمّية هذه الشراكة التي نأمل عبر البرامج المتّفق عليها، تعزيز التعاون ما بين الجامعة اللبنانية ومؤسّسة "بيت المستقبل" الذي بدأ منذ زمن ويتكلّل الآن بهذه الندوة المشتركة مع كلّية الإعلام.

لن أستبق مداخلات ومناقشات الدكاترة المشاركين في هذه الندوة حول "أي مستقبل للصحافة اللبنانية" ودور الصحافيين اللبنانيين على الصعيدين اللبناني والعربي.

إنما يصعب على اللبناني أن يقارب مسألةً على غرار "أي مستقبل للصحافة اللبنانية" وسط المصاعب الجمة التي تواجهها، لا سيما في صرح كلية الإعلام في جامعتنا الوطنية.
فحساسية هذه المسألة عند اللبنانيين تعود إلى أسباب عدة، أهمها العلاقة التي تربط لبنان واللبنانيين بالصحافة حتى قبل نشوء الكيان اللبناني في العام 1920،
كما الدور الذي لعبته في الداخل أو في الخارج، لجهة الرسالة التحديثية التي نشرتها في المنطقة والنهضة الفكرية والثقافية التي دفعت بها. ولا بدّ من أن نذكّر أن وراء النهضة العربيّة الحديثة، العابرة لحدود الأقاليم، كانت نخبة لبنانيّة مثقّفة أمثال سليم وبشارة تقلا، مؤسّسي جريدة "الأهرام المصريّة"، ورئيس تحريرها لعقدين تقريباً، أنطوان باشا الجميّل.
وأهمية الصحافة اللبنانية، أنها كانت تجسيداً لحقيقة: أن كيانية لبنان متلازمة مع الحرية.
وتجدر الإشارة الى أن عدد الدوريات، أي الصحف والمجلات، التي أسسها لبنانيون في لبنان والخارج بين عام 1858 مع ميلاد "حديقة الأخبار" لصاحبها ميخايل جبرايل الخوري وعام 1974، الذي بلغ 2500 دورية، مثلت عن حق الحضور اللبناني في العالم العربي ونقلت هموم هذا الأخير إلى العالم برمته.
اليوم، من المؤسف أن معظم هذه الدوريات الثقافية والعلمية والأدبية توقفت عن الصدور، ولم يعد معروفاً منها سوى الإسم. وهذا ما نشهده اليوم في لبنان ويحز في أنفسنا مع اختفاء ليس فقط الدوريات الثقافية والعلمية والأدبية، بل أيضاً كبريات الصحف على غرار السفير والأنوار وشقيقاتها من مجلات دار الصياد وعددها أربع، إلى المستقبل والاتحاد.
صحيح أن مسار الصحافة اللبنانية واجه في تطوره معضلات كثيرة: أبرزها حرية التعبير التي بلغت أوجها في العهد العثماني مع إعدام جمال باشا يوم 6 أيار/ مايو من العام 1916 لعدد من الصحافيين أصحاب القلم الحر، وصولاً إلى شهداء الحرية بين الصحافيين في تاريخ لبنان الحديث من فؤاد حداد ونسيب المتني وكامل مروّة مروراً بسليم اللوزي ورياض طه، وصولاً إلى سمير قصير وجبران التويني. ومع ذلك قاومت وتمكنت ليس فقط من الصمود بل أيضا التطور والازدهار.
إنما لم تصل مصاعبها إلى المستوى التي وصلت إليه اليوم حيث تشابكت لتشمل جوانب عدة، من هجمة التكنولوجيا الحديثة التي غيرت مفهومي الإعلام والإعلامي، إلى العائق المالي والاقتصادي إلى البيئة السياسية والاجتماعية التي لا نبالغ إذ نقول أنها أصبحت طاردة للإقلام الشجاعة الحرة. وإذا أردنا أن نكون واقعيين، لا بد لنا من الاعتراف أن كل هذه الأسباب مجتمعة ما كانت لتؤثر في الصحافة كما فعلت لو أنها بقيت كما عهدناها. قامت الصحافة اللبنانية على أكتاف جبابرة وعقول نيرة وحكيمة ونفوس حرة أبية، تميزوا بتهذيب الكلمة والمعرفة الشاسعة وما تتطلبه المهنية من موضوعية واستقلالية وجرأة. كانت الصحافة حرة وليست مأجورة، وكانت رسالة سامية قبل أن تكون تجارة.
باختصار، معاناة الصحافة في لبنان ما هي إلا مرآة تعكس معاناة الوطن، ولعل في تشريح أسباب السقوط نكون في الوقت عينه نتبصر في حال الإنكماش التي وصلنا إليه في السياسة والتربية والثقافة والاجتماع والاقتصاد. إن أسباب السقوط كثيرة كما شروط النهوض، وأترك مناقشتها لهذه الندوة مع خبراء معنيين وأبناء المهنة.
يبقى أنني على قناعة بأن كليّة الإعلام في الجامعة اللبنانية قادرة على تشخيص الواقع المرير الذي تعيشه صحافتنا اليوم، وما يعاني منه الصحافيون اللبنانيون من صعوبات على أنواعها، وأن هذا المؤتمر قادرٌ أن يجترح الحلول التي من شأنها أن تنهض بصحافتنا من جديد، وتعيد لها بريقها وحضورها وإنتشارها ورسالتها.