Back to Lectures

لبنان وعملية السلام -ترجمة

1999-06-11

 

مكتبـة الكونغرس – واشنطن 11 حزيران 1999

لبنان وعملية السلام (ترجمة)

عنوان:

ألقى رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل في 11 حزيران الجاري كلمة في مكتبة الكونغرس في واشنطن تحدث فيها عن "لبنان وعملية السلام في المنطقة"، مؤكدا أن قيم السلام والديموقراطية والتسامح من تقاليد لبنان وتراثه الحضاري على مر العصور، مضيفا أن لبنان هو بوتقة الشرق الأوسط حيث تتفاعل بدينامية مستمرة كافة المعتقدات والميول السياسية المختلفة والتعاليم السماوية والتيارات الثقافية السائدة في المنطقة.

"إذا"، تابع الرئيس الجميل: "أي سلام يطمح لأن يكون شاملا ودائما يجب عليه أن يضمن للبنان سلاما خالصا وصادقا، سلاما عادلا يعيد لهذا البلد الفريد من نوعه سيادته وسلامة أراضيه". وقال: "يتوجب علي أن أؤكد النقطة التالية: لا نستطيع تصور سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط، في حال تم استبعاد لبنان من مشاركة فاعلة ذات معنى في عملية السلام"، مشيرا إلى أن المتغيرات الأخيرة التي حدثت في إسرائيل فتحت نافذة على فرصة تحقيق سلام بين لبنان وإسرائيل وبين سوريا وإسرائيل.

وأضاف: "ولكن بالنسبة للشعب اللبناني، مثل هذه الفرصة الجديدة تحمل في طياتها وعودا كبرى كما تحمل مخاطر جسيمة". وعزا أجواء القلق التي تسيطر على الشعب اللبناني لتخوف هذا الأخير من أن يصبح وطنه ضحية سلام غير عادل بدل أن يكون المستفيد من سلام حقيقي. وفي هذا المجال أردف الجميل قائلا: "بالرغم من العلاقات القديمة الباقية والثابتة بين حكومتي وشعبي الولايات المتحدة ولبنان، فان قلقا عميقا ينتاب اللبنانيين حول السياسة الأميركية الراهنة تجاه لبنان. ودهشتنا، نحن اللبنانيين، نابعة من هذا التناقض الحاد الذي تتمظهر به سياسة الولايات المتحدة. فمن جهة، يفصح كلا وزيري الخارجية الأميركية، مادلين أولبرايت وسلفها وارين كريستوفر، عن التزام أميركي بلبنان حر. ففي شهر كانون الأول 1996، أعاد كريستوفر تأكيد "دعم الولايات المتحدة لسيادة لبنان وسلامة أراضيه، وانسحاب نهائي لكل القوى الأجنبية من لبنان"، وعلى النسق ذاته، وخلال زيارتها لبيروت في شهر أيلول 1997، أكدت الوزيرة أولبرايت التزام أميركا "بلبنان مستقل تماما، موحد وسيد (و) محرر من كل القوى الأجنبية". أما من جهة ثانية، فإننا نجد أن واشنطن لم تتخذ أية خطوات مباشرة لاستعادة سيادة لبنان وسلامة أراضيه. وعوضا عن ذلك، من الواضح أن الولايات المتحدة تأمل أن ينشأ لبنان السيد من جديد كنتيجة لما دعته أولبرايت في شهر حزيران 1998 "بالسلام العادل الدائم والشامل لكل الفرقاء في المنطقة". ومعادلة الربط بين استعادة السيادة اللبنانية و"السلام الشامل" هي موضوع طالما ظهر وتردد في البيانات الرسمية الأميركية عن لبنان خلال الخمس والعشرين سنة المنصرمة"، أوضح الجميل.

وخلص إلى القول: "إذا كان تفسيري للسياسة الأميركية صحيحا، يجب إذا أن يكون هدف الوصول إلى لبنان مستقل ومحرر من أية سيطرة أجنبية بندا ظاهرا وغير غامض من بنود أية تسوية سلمية في المنطقة".

وعن لبنان الجنوبي، قال الجميل أن إسرائيل أقامت "حزاما أمنيا" في الجنوب يتناسب ويتجاوب مع هدفها حماية المنطقة الشمالية من إسرائيل؛ ولكن هذا "الحزام" تحول، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، إلى فتيل يشعل نزاعات عنيفة ويؤدي إلى اشتباكات دامية لا تنتهي. وإذا كانت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الأخيرة صحيحة، فيبدو أنهم اقتنعوا بضرورة الانسحاب من الأراضي اللبنانية. لماذا؟ هل لأن "الحزام" قد تحول إلى فتيل قد يفجر الوضع برمته في أية لحظة؟ وللإجابة عن هذا السؤال، قال الرئيس الجميل: "وحدهم اللبنانيون يستطيعون فرض النظام والاستقرار على أراضيهم".

وعن العلاقات اللبنانية السورية، أوضح أن دمشق من مصلحتها أن يكون لبنان معافى: قويا، مزدهرا، وسيدا، لأن لبنانا كهذا يكون راغبا ومتشوقا لدعم سوريا دعما كاملا في المحافل الإقليمية والدولية. وأشار إلى أن ما تفعله إسرائيل في جنوب لبنان لا يعود بالضرر المباشر على هذه المنطقة وحسب، بل يتعداها ليلحق الأذى والضعف بالحكومة المركزية بحيث يساهم في عدم تمكينها من بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية.

وعن اليد الأجنبية العاملة في لبنان، كشف الرئيس الجميل أنه في الوقت الذي نستقبل سنويا مئات ألوف العمال الأجانب للعمل في مهن وأشغال متنوعة ومختلفة، نودع في الوقت عينه أعدادا ضخمة من مواطنينا اللبنانيين الذين يسافرون إلى العديد من بلدان العالم طلبا للعمل وتأمينا لمعيشتهم ومعيشة أفراد أسرهم. وتابع يقول: "والأسوأ من تدفق المهاجرين اللبنانيين إلى الخارج سعيا وراء لقمة العيش، كان نشر الحكومة اللبنانية في العام 1994 مرسوما يتألف من 1300 صفحة تحتوي على أسماء العائلات التي منح أفرادها، بشحطة قلم، الجنسية اللبنانية الكاملة"، مشيرا إلى أن المرسوم لا يحتوي على أية إيضاحات أو تفسيرات تتعلق بهوية هؤلاء الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية: موطنهم الأصلي، نبذة عن ماضيهم، أو الأسباب التي دفعت السلطة لمنحهم الجنسية. وأضاف بأن مرسوم التجنيس هذا نفذ على حين غرة دون موافقة مجلس النواب اللبناني، ودون مناقشة عامة وكذلك دون الحصول على توافق وطني حول هذه القضية الأساسية في حياة الأوطان.

وبالعودة إلى لبنان، تطرق الجميل الى انسحاب ميليشيا لحد من جزين، مشيرا الى أنه بالرغم من قرار مقاتلي حزب الله الحكيم بعدم الحلول محل ميليشيا لحد في جزين، فان عدم نشر وحدات من الجيش النظامي في المنطقة يبعث على الخوف والقلق لدى المواطنين هناك.

ثم ذكر بقرار عودته إلى لبنان الذي اتخذه أواخر العام 1998، "وقد شجعتني على ذلك تطورات إيجابية يومئذ على الساحة اللبنانية"، شارحا السباب الخارجة عن إرادته التي جعلته يؤجل هذه العودة إلى أجل غير مسمى.

مطالبا الولايات المتحدة، بالتعاون مع حلفائها الرئيسيين، مساعدة لبنان على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة 425، 426 و 520، أوضح قائلا أن القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن في العام 1978 في أعقاب اجتياح إسرائيلي للبنان، ينص على وجوب انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، ودعا الولايات المتحدة الأميركية بقوة إلى لعب دور رئيسي في تحقيق انسحاب إسرائيلي تام من الأراضي اللبنانية. وأشار إلى أن "الانسحاب الإسرائيلي يخدم مصالح لبنان ويمكن أن يشكل في الوقت ذاته خطوة مهمة نحو إحراز سلام لكل الشرق الأوسط".

وفي معرض دعوته إلى قيام توافق عربي لأنه، كما قال، أحد الأسس الممكنة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، نبه الرئيس الجميل العرب إلى أن ترك لبنان وحيدا في الوقت الذي يحتاج إليهم، يعني أننا نقبل تهديم وطن صغير يعشق الديمقراطية ويعمل من أجل ديمومتها، وبالتالي نكون قد وافقنا على إعاقة تقدم الديمقراطية في كل منطقة الشرق الأوسط.