Back to News
الرئيس الجميّل في مجلس العموم البريطاني: لقوة أممية توقف الابادة في الشرق الاوسط الحل في سوريا قد يشمل نماذج عراقية مثل الحكم الذاتي، ومن دمرّ البلاد لا يبقى في السلطة، والاتفاق النووي يعجّل في الحل

الرئيس الجميّل في مجلس العموم البريطاني: لقوة أممية توقف الابادة في الشرق الاوسط الحل في سوريا قد يشمل نماذج عراقية مثل الحكم الذاتي، ومن دمرّ البلاد لا يبقى في السلطة، والاتفاق النووي يعجّل في الحل

آذار 24, 2015
الرئيس الجميّل في مجلس العموم البريطاني: لقوة أممية توقف الابادة في الشرق الاوسط الحل في سوريا قد يشمل نماذج عراقية مثل الحكم الذاتي، ومن دمرّ البلاد لا يبقى في السلطة، والاتفاق النووي يعجّل في الحل

 

 

اعتبر الرئيس أمين الجميّل أن منطقة الشرق الأوسط تعيش معادلة "حرب الكل ضد الكل" داعياً الدول العربية المعتدلة والشركاء الدوليين الى عمل عسكري للردّ على الجرائم التي تقترفها الدول الفاشلة وما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام أو "بداعش". كما أيدّ موقف الفاتيكان الذي أصدر ممثله في جنيف بياناً دعا فيه إلى تشكيل قوّة متعددة الأطراف تحظى بموافقة الأمم المتحدة لوقف ما وصفه ب "الإبادة" التي يقترفها التنظيم بحقّ المسيحيين وغيرهم من المجموعات.
كلام الرئيس الجميّل جاء في إطار محاضرة ألقاها في مجلس العموم البريطاني بعنوان " الدول الفاشلة وتنظيم "الدولة الإسلامية" ودول المواطنة: الوقائع الثلاث للحوكمة في العالم العربي". وقال: وحده الدعم المكثّف لقضايا حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية من شأنه ان يرسّخ الاستقرار في المجتمعات العربية والشرق الأوسط ككل.
وتطرق الرئيس الجميّل الى واقع العراق وسوريا وليبيا واليمن كنماذج عن الدول الفاشلة أو في طور الفشل. واعتبر ان الفسيفساء الدينية الإثنية في كل من العراق وسوريا التي شكّلت مجتمعاً وطنياً تعددياً لم تُمنح أو تحظَ بأسس تلاحم صلبة، بل بات الحكم السلطوي نمطاً سائداً وعقيدةً حاكمةً تبعها الحسّ الانتقامي بسبب توالي الاستبداد والاجرام. ولفت الى أن تاريخ الحوكمة في سوريا والعراق، كما في الدول العربية عامة، اتسم بعد الحرب العالمية الاولى برداءة ملفتة، بحيث لم تُترك في هذين البلدين دولٌ أو مجتمعات فاعلة مستقرة تعدّدية تتحلى بالتسامح، ولم يعمل أي منهما على تأسيسها.
وعددّ الرئيس الجميّل عوامل إخفاقات الحوكمة العربية، وبينها قيادة صاحبة نفوذ غير محدود ولا تخضع للمساءلة، وهيمنة مطلقة للجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، وتفاوت اقتصادي سافر، وأنظمة إدارية بيروقراطية خانقة، وفشل ثقافي وتعليمي، وغياب آلياتٍ لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضائية، وتراجع الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والخدمات الأخرى. وحالت هذه العوامل دون بروز كوادر طليعية مثقفة وقادة للمجتمع المدني ممن يستطيعون دفع الدول والمجتمعات العربية نحو إصلاح حقيقي.
واعتبر الرئيس الجميّل انه عندما ترنّحت سلطة الدولة أو انهارت تحت وطأة احتجاجات "الربيع العربي" في السنوات القليلة الماضية، أضحت القوى الإسلامية إطاراً بديلاً جاهزاً للحكم وقادراً على الاستمرار. الا ان هذه القوى البديلة كشفت في غير مناسبة عن تسلّط سياسي وتعسّف ثقافي ونزعة نحو القمع والعنف.
ورأى أن سوريا شكلت نموذجاً واضحاً لإخفاق الدولة، حيث خطّطت المجموعة الحاكمة فيها عن سابق إصرار وتصميم للدمار الجزئي الذي أصاب البلاد بهدف الحفاظ على السيطرة على المناطق الرئيسية منها. وقد سار مخطط الحكومة على مسارين، سمح الأوّل للإسلاميين بالنمو وزرع الخوف في البلاد، وعمل الثاني على التدمير المنهجي لمناصري الديمقراطية.
وسأل الرئيس الجميّل: "هل يمكن إعادة تأسيس سوريا الدولة والمجتمع؟"
وجاء في ردّه ان الآفاق تتضاءل مع استمرار الفوضى والعنف، لتأمين حلول لمصالحة السنة والعلويين والدروز والأكراد والمسيحيين الذين يرزحون تحت وطأة الصدمات والخوف المشترك.
وتوقع استمرار النزف في ظلّ غياب قوّة دولية قادرة على فرض الاستقرار من الخارج، إلى أن ينشأ تحالف سوري داخلي قادر على إرساء حجر أساس للاستقرار.
وقال الرئيس الجميّل ان سوريا بعد النزاع، أي سوريا بعد الأسد، ستشمل حتماً حلولاً أساسية سبق تطبيقها في العراق ما بعد حكم صدّام، كمنح الآكراد حكماً أو استقلالاً ذاتيين، ما سوف يدفع بمجموعات أخرى الى المطالبة بترتيبات مماثلة. وراهن على اتفاق شامل حول الملف النووي الإيراني الذي من شأنه أن يحرّك عجلات الدبلوماسية في المنطقة ويؤدي إلى تقدّم على جبهات عدة منها الجبهة السورية. وقال: ان النظر إلى احتمال تحوّل سوريا من دولة فاشلة إلى دولة قيد التعافي ثمّ إلى دولة مواطنة، يفترض عدم السماح للمجموعة الحاكمة نفسها التي حاولت أن تدمّر البلاد بهدف الحفاظ على ما تبقى من سلطتها أن تعاود الحكم مجدداً.
وتوقع الرئيس الجميّل ردّ فعل شعبياً مناهضاً لتنظيم داعش ولكل الجماعات المتطرفة وقال: ان المجتمعات السنّية تنبذ حكماً هذا التنظيم في وقت يعتبرها التنظيم الحاضنة الصلبة له.
وللخروج من الواقع المأسوي الراهن، دعا الرئيس الجميّل الإصلاحيين العرب وشركاءهم الدوليين الى أن يبحثوا عن خيار ثالث وهو دول المواطنة، متخذاً تونس كمثال لدولة المواطنة الناشئة، والأردن كدولة مواطنة نامية، ولبنان كدولة مواطنة مترسّخة. وشكّلت هذه الدول الصغيرة في الحجم والكبيرة في التأثير، مجتمعةً لوحةً تبيّن مستقبل عالم ٍعربيٍ تسوده الديمقراطية والحرّية وحقوق الإنسان.
وحدد الرئيس الجميّل أساسات دولة المواطنة وهي إيلاء الأولوية المطلقة لرفاه الأفراد، فصل الدين عن السياسة بشكل كامل، شفافية الحوكمة التنفيذية، احترام الرأي المعارض والنقد الإعلامي، الإشراف والمساءلة البرلمانية، نزاهة الانتخابات على كل المستويات وتنافسيتها، استقلال القضاء، ازدهار التعددية وتجلّيها على شكل المساواة بين الرجل والمرأة، التسامح الديني، واستقلالية المجتمع المدني والتعبير الثقافي.
واذ حيّا الرئيس الجميّل نجاحات تونس السياسية التي ردّها في جزء كبير منها الى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي شدّد منذ بداية خمسينات القرن الماضي على التعليم والمساواة بين الرجل والمرأة، مكرّساً بالتالي أسس ثقافة التسامح وحقوق الإنسان، أشاد بموقف العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الذي قال بوضوح "إن حماية حقوق المسيحيين لهو واجب وليس بخدمة. فلطالما أدى المسيحيون دوراً أساسياً في بناء مجتمعاتنا والدفاع عن أمتنا".
وتحدث الرئيس الجميّل في مجلس العموم البريطاني عن تداعيات أزمة اللاجئين السوريين على ديموغرافية لبنان وتوازنها، لافتاً الى أن ظروف الحرب السورية وتأثيرها على الداخل اللبناني تهدد مستقبل الديمقراطية اللبنانية، وقد تجلى العارض الأكبر للشلل اللبناني في الشغور الرئاسي المعيب والهدّام والانهزامي والاختياري نوعاً ما.
وردّ الرئيس الجميّل على من يشكك في قدرات لبنان وامكانات عودته كدولة مواطنة، وقال: ان الردّ هو في ثورة الأرز عام 2005، فهي حدثٌ سبق الربيع العربي بعدة سنوات.
واعتبر الرئيس الجميّل ان أحداث سوريا والعراق أثبتت ان الطائفية والراديكالية العنيفة ليستا الخيار الأول للشعوب العربية الرازحة تحت قمع الدول، بل الحكومات الديكتاتورية هي وحدها التي أطلقت موجة العنف والدمار.
ودعا الى محاربة أزمة الثقة في الديمقراطية ووضع استراتيجية لدعم حراك المجتمع المدني والتدريب على مناصرة الديمقراطية والحوكمة الخاضعة للمساءلة، مما سيساهم في إخراج المجتمعات العربية من مستنقعات الصراعات الطائفية والإثنية والإقليمية، داعياً الى خطة مارشال عربية تؤمنّ الشراكة الحقيقية والحوار العميق بين المجتمع الدولي الديمقراطي والمجتمع العربي الديمقراطي الذي يشكّل قوّة متضرّرة لكن مصمّمة على التغيير.