Back to News
الرئيس الجميل افتتح مؤتمر مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو: نظام جديد للشرق الأوسط

الرئيس الجميل افتتح مؤتمر مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو: نظام جديد للشرق الأوسط

أيار 20, 2016
الرئيس الجميل افتتح مؤتمر مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو: نظام جديد للشرق الأوسط


لمناسبة مرور مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو، افتتح بيت المستقبل ومؤسسة كونراد أديناور أعمال المؤتمر الذي ينعقد على مدى يومين في مقره في بكفيا بعنوان "مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو: نظام جديد للشرق الأوسط؟".
حضر المؤتمر النواب مروان حمادة، روبير غانم، جان أوغاسبيان، باسم الشاب وسامي الجميّل، والنائبة في البرلمان العراقي ميسون الدملوجي والوزيران السابقان ابراهيم شمس الدين وروجيه ديب وسفراء الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن، وإيطاليا ماسيمو ماروتي، إسبانيا ميلاغروس هيرناندو، وتركيا شاغاتي أرسياز، والعراق على عباس بندر العامري، وممثل عن السفارة الفرنسية لوكاس وينتربيرت، وممثلة السفارة الكندية كريستين جانسن، كما شارك الرئيس المؤقت للبرلمان العراقي عدنان الجنابي، منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد ، وعدد من الباحثين والأساتذة الجامعيين وأهل الفكر من الولايات المتحدة الاميركية، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، روسيا، الأردن، العراق ولبنان.
المؤتمر استهل بكلمتين للرئيس أمين الجميل رئيس مؤسسة بيت المستقبل، والسيد بيتر ريملي عن مؤسسة كونراد أديناور.
مداخلة الرئيس أمين الجميّل
اعتبر الرئيس أمين الجميل ان اللعبة الدولية، الإقليمية الجديدة سنة 2016 حيال شعوب الشرق الأوسط تماثل بمصالحها وأهدافها ونياتها اللعبة الإقليمية سنة 1916. والمنطقة اليوم أمام ثورات شعبية وأحداث عسكرية، من حدود إيران حتى حدود مصر، تحدث ثغرات في الكيانات التي نشأت نتيجة اتفاقية سايكس ـــ بيكو ومؤتمر "سان ريمو".
وأشار إلى أنه في "نص اتفاقية سايكس ـــ بيكو المكوَّن من 832 كلمة، لم ترد كلمة شعوب، ولا مرّة، ولا عبارة حق تقرير المصير. وهذا إن دلّ على شيء، فعلى أن الجغرافيا أكثر من الانسان كانت معيار هذه الاتفاقية التي صيغت بين باريس ولندن وبطرسبورغ."
ولفت الرئيس الجميل إلى ما أسماه "المفارقة الصاعقة المتمثلة بمفاوضات متناقضة على أربعة مسارات: فبينما كان الموفد الإنكليزي لورانس العرب يَــحثّ العرب على الثورة على الجيوش العثمانية مع وعدٍ مكتوب بإقامة الدولة العربية.
كان الديبلوماسيان، البريطاني مارك سايكس، والفرنسي فرنسوا ـــ جورج بيكو، يتفقان على مشروع مناقض يقضي بفصل المشرق عن شبه الجزيرة العربية وإنشاء كيانات متعددة فيه. وبموازاة هذه الازدواجية، برز تناقض ثالث تجسّد "بوعد بلفور" حيث التزم وزير خارجية بريطانيا آرثور بلفور، باسم الحكومة البريطانية، للحركة الصهيونية في لندن بتسهيل إنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين." وتابع الرئيس الجميل: "يمكن أن نضيف إلى المشاريع الثلاثة مشروعاً أخر هو وعدٌ بإقامة كيان كردي في شرق الأناضول ورد في اتفاقية "سيفر" سنة 1920، لكن الفكرة سقطت بسبب الحركة القومية التركية بزعامة مصطفى كمال أتاتورك."
وأشار الرئيس أمين الجميل إلى روسيا كطرف ثالث في المفاوضات مع بريطانيا وفرنسا لاقتسام الشرق الأوسط وهندسته من خلال وزير خارجيتها سازانوف.
وتوقف عند ظاهرة "أن تكون كل الحروب والانقلابات التي نشبت في العالم العربي ولاسيما في الخليج والمشرق حدثت بعد انسحاب قوات الانتداب أو الاستعمار وبعد نيل الاستقلال: من حرب اليمن إلى الحروب الحدودية في الخليج، ومن حرب الأردن إلى حرب لبنان، ومن الحرب العراقية الايرانية إلى احتلال العراق للكويت، ومن الانقلابات العسكرية في غالبية الدول العربية وصولاً إلى الثورات الضائعة والارهاب التكفيري والجهادي."
وقال الرئيس أمين الجميل: "من مفارقات التاريخ الحديث أن الشعوب العربية التي كانت تناضل لتغيير الكيانات التي استحدثها اتفاق سايكس ـــ بيكو والمؤتمرات اللاحقة بعد الحرب العالمية الأولى (1914 / 1918)، أصبح أقصى مناها، اليوم، بعد الثورات العربية المشوهة (2010 / 2016)، أن تحافظ على كياناتها وتنقذ حدودها الدولية التي أرستها مندرجات اتفاقية سايكس ـــ بيكو. والواقع إن كيانات سايكس ـــ بيكو صمدت على العموم من باب المندب في الخليج إلى الناقورة في لبنان طوال مئة سنة. وباستثناء اجتياح داعش للحدود السورية ـــ العراقية، كل محاولات تعديل هذه الكيانات تجري، حتى الآن على الأقل، من داخل حدودها باتجاه اعتماد الفدراليات وأقاليم الحكم الذاتي، ما يعني أن هذه الكيانات لم تكن أصغر من طموح المكونات الاجتماعية، وتحديداً الإسلامية، بل أكبر أحياناً."
وقارن الرئيس أمين الجميل بين "سايكس ـــ بيكو القديم الذي نقل المشرق من ولايات غير معترف بها إلى دولٍ معترف بها دولياً، وسايكس ـــ بيكو الجديد الذي سيحوِّل الدول كانتونات. والفارق الآخر هو أن الهندسة الأولى كانت أجنبية الصنع، بينما الهندسة الجديدة هي صنع عربي وإسلامي بدعم أجنبي."
وقال: "أن شعوب الشرق الأوسط تتجه للخروج من كيانات سايكس ـــ بيكو والعودة إلى كيانات السلطنة العثمانية دون ولوج كيان الأمة العربية التي لم تتحقق يوماً لأنها أصلاً مجرد حلم أو شعور لحالة مجازية."
وصحح الرئيس أمين الجميل بعض الأخطاء الشائعة فـ "خِلافاً لما هو شائعٌ، لم يكن لبنان وسوريا مُوَحَّدَين حتى نَتّهِمَ اتفاقيةَ "سايكس بيكو" بفَصْلِهما. فلبنانُ كان مُتَصرّفيةً مقضومةَ الأقضيةِ الأربعة (من الساحلِ والجنوبِ والبقاعِ والشمالِ)، وسوريا ولاياتٍ مُتفرقةً (دمشق، حلب، جبل الدروز، الساحل العلوي ولواء إسكندرون).
وخلافاً لما هو رائجٌ، ليس لبنانُ الحاليُّ وليدَ اتفاقيّةِ سايكس بيكو. إنّه ثمرةُ عَنادِ أعيانِ لبنان، وفي طليعتهم الموارنة بقيادةِ البطريركِ الماروني الياس الحويك، الذين أقنعوا فرنسا في مؤتمري باريس (1918 و 1919) وسان ريمو ِ(1920) بتصويب تلكَ الاتفاقيّةِ وإنشاءِ كِيانٍ لبنانيٍّ مُستقِلٍّ على كاملِ الأراضي اللبنانية."
وأضاف: "واجَه اللبنانيون، نَصَّ اتفاقِية سايكس ـ بيكو (مساحةٌ لبنانيّة ـ سوريّة تحت نفوذٍ فرنسيٍّ بدونَ حدودٍ داخليّة)، ورَفضوا مَنطِقَ وَعْدِ بَلفور (وطنٌ قوميٌّ مسيحيٌّ على غِرارِ إسرائيل)، واختاروا مشروعَ الوِحدةِ (التعايشُ المسيحيّ ـ الإسلاميّ ـ الدِرزيّ) والاستقلالَ (القرارُ الحرّ) والديمقراطيةَ (الشعبُ مَصدرُ السلطة). وأكد اللبنانيون على هذا التوجه في ميثاقهم الوطني إثر الاستقلال سنة 1943."
وخلص الرئيس أمين الجميل إلى أن "الرهان اليوم هو على مدى قدرة الشعوب العربية على اختصار مخاضها فتنتقل من الحرب إلى الحلول السياسية، وعلى مدى قدرتها أيضاً على استعادة استقلالها ليس من المستعمرين الغربيين كما كانت الحال، بل من الحالة الإسلامية الجهادية والتكفيرية العربية والإقليمية، ومن الجهل والأنظمة الأحاديّة."
"والرهان أيضاً هو على مدى قدرة لبنان على ألا يتورط لا في حروب الآخرين، بل في خرائطهم أيضاً. إن رسالة اللبنانيين، لا مصلحتهم فقط، تحتم عليهم أن يحافظوا على خريطتهم التاريخية ودولتهم الديمقراطية وصيغتهم التعددية وخصوصياتهم الحضارية. وإذا كان لنا في العقود الماضية هامشاً للعبث، فالمرحلة المصيرية الآن لا تسمح بالمغامرة والمجازفة والانحياز. حتى هذه الساعة، كان اللبنانيون يؤكدون تَمَسّكَهم بكيانِ لبنانَ الواحد، ولا يزال لبنان واحداً رغم الانقسامات القائمة."

مداخلة بيتر ريملي

وتحدث بيتر ريملي عن بعض نقاط الضعف في اتفاقية سايكس بيكو التي اختار أصحابها التعامل مع السنة والوهّابية وأهملوا البعد الشيعي الموجود في المنطقة. وربما تكون هذه الثغرة بدأت تنتج أزمات نشهدها حاليا وطرفاها السنة والشيعة.

وعلى الأثر انعقدت الجلسة الأولى بعنوان: "سايكس بيكو في إطاره التاريخي : فن الممكن." شارك فيها كل من مديرة برنامج تركيا والشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI، فرنسا) دوروثي شميد، ودوريس كاريون باحثة متخصصة في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، Chatham House وحسن منيمنة المدير الأول في Middle East Alternatives في واشنطن
وأدارت الجلسة مسؤولة الشؤون الثقافية في السفارة اللبنانية في فرنسا كارول داغر.

مداخلة النائب مروان حمادة

جاء في مداخلة النائب مروان حمادة أنه رغم "شيطنة" اتفاقية سايكس بيكو، إلا أنه يجب التمسك بالحدود وإعادة ترتيب الأنظمة بشكل يوفق بين الإسلام والديمقراطية وبين العروبة والتعددية، وبين الأقليات الإثنية والمذهبية والأغلبية العربية.
واعتبر حمادة أن اتفاق الطائف بحسناته وثغراته يبقى مدخلا للحلول في المنطقة لافتا إلى حاجة العراق إلى طائف عراقي، وسوريا إلى طائف سوري.

مداخلة النائب سامي الجميّل
ارتكز رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في مداخلته إلى الاحتكام إلى حق الشعوب وإرادتهم في تقرير المصير كما واحترام الهويات المجتمعية، وكانت هذه ثغرة أساسية في اتفاقية سايكس بيكو. والدليل على ذلك أن هذه الاتفاقية أهملت إرادة الشعب الكردي وقسمته بين دول عدة في المنطقة ما ولد حرمانا دائما لديه بدولة يستقر فيها.
وأكد أن احترام إرادة الشعوب تفضي إلى بناء سلام دائم، أما فرض الحلول بموجب اتفاقيات فوقية تراعي مصالح القوى العظمى دون الأخذ بإرادة المكونات المجتمعية فمن شأنه أن يؤدي إلى قيام دول فاشلة وحروب دائمة ويعيد الديكتاتوريات إلى الحكم.

مداخلة مروان المعشر
وكانت مداخلة مباشرة من واشنطن مع نائب رئيس الحكومة الأردنية ووزير الخارجية السابق مروان المعشر، نائب الرئيس للبحوث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان "ماذا لو لم يكن سايكس بيكو؟ قراءة لواقع مختلف"، أدارها سامي عون بروفسور في جامعة شيربروك في كندا وشارك فيها كل من جوزيف مايلا بروفسور في علم الاجتماع السياسي والعلاقات العامة والرئيس السابق للجامعة الكاثوليكية في باريس، وستيفن هايدمان رئيس كرسي Janet Wright Ketcham في سياسات الشرق الأوسط Smith College، ويوري زينين الباحث في مركز شراكة الحضارات في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية(MGIMO) .

كما انعقدت الجلسة الثالثة بعنوان:"قراءة في الماضي والمستقبل: سوريا ولبنان" شارك فيها كل من آندرو تابلر، زميل "مارتن غروس" في برنامج السياسات العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الوزير السابق روجيه ديب، مؤسس ومدير Near East Consulting Group و عمر العظم، أستاذ في التاريخ وعلوم الإنسان في الشرق الأوسط، جامعة ولاية شاوني. وأدار الجلسة بول سالم، نائب رئيس للسياسة والبحوث في معهد الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية .

أما الجلسة الرابعة فكانت بعنوان:" قراءة في الماضي والمستقبل: الأردن وفلسطين" شارك فيها كل من نبيل عمرو وزير سابق في السلطة الوطنية الفلسطينية ومحمود سويد المدير السابق لمؤسسة الدراسات الفلسطينية. وأدار الجلسة جون بل، مدير برنامج الشرق الأوسط والمتوسط في مركز توليدو الدولي للسلام.

ويستأنف المؤتمر أعماله غدا لمتابعة مناقشة المواضيع المطروحة وفق البرنامج المرفق ربطاً.